كيف تستثمر “باي بال ” الموظفين في الابتكار
كيف تستثمر “باي بال ” الموظفين في الابتكار غالبًا ما يتم استخدام مفهوم “حشد المصادر” لتعزيز الابتكار، ولكن من الناحية العملية، فإن إطلاق العنان لحكمة الجمهور كقول أسهل بكثير من الفعل.
حيث يمكن أن تكتظ الشركات بالأفكار السيئة أو غير المجدية، والتي يمكن أن تسد العملية بل وتقود الشركة إلى الضلال.
تقدم العديد من حملات “حشد المصادر”جوائز للأفكار الفائزة، ولكن يُعد تحديد النوع الأمثل (نقدًا أو غير نقدي) وحجم المكافأة مهمة صعبة و هناك أيضًا دلائل على أن الشركات تقاوم الأفكار التي لم يتم اختراعها داخليًا ، مهما كانت جديرة و قيمة.
و للتحايل على هذه المشاكل الشائعة، طورت شركة التكنولوجيا المالية (باي بال) نهجًا جديدًا مستوحى من عالم رأس المال الاستثماري , حيث يقدم المشاركون في بطولة الابتكار العالمية السنوية للشركة أفكارهم، كما هو الحال في المسابقات التقليدية, لكن في جولة لاحقة، يعملون كمستثمرين، ويضعون الرهانات على ما يعتقدون أنه أفضل الأفكار بغض النظر عن المصدر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن جولة الاستثمار مفتوحة لجميع موظفي الشركة البالغ عددهم حوالي 30,000 موظفًا بدوام كامل.
عملة الابتكار
يكمن مفتاح جولة الاستثمار في (( الرموز التجارية )) للشركة القائمة على ((العملات المشفرة)) والتي تسمى (واو)
يكسب الموظفون الرموز من خلال المشاركة في جهود الابتكار (مثل براءات الاختراع) في جميع أنحاء الشركة. يمكن استبدال الرموز بتجارب لا تقدر بثمن مثل إحضار مدير لدرس القفز بالمظلات، أو تعلم فن الدفاع عن النفس مباشرة من الرئيس التنفيذي ، أو جعل المدير التنفيذي للتكنولوجيا يأتي إلى منزلك وينشئ شبكة منزلك ونظام مكبرات الصوت الذكية.
لضمان حصول أكبر عدد ممكن من الأشخاص على فرصة للاستثمار، تمنح الشركة عددًا من رموز (واو) لجميع الموظفين المشاركين و يمكن للموظفين الاستثمار في المشاريع التي يعتقدون أنها مرشحة لأداء جيد في المنافسة. كما حددت
“باي بال” لكل فكرة 100 ((واو)) كحد أقصى للاستثمار و توفير حافز لتنويع محفظات المشاركين الاستثمارية والبحث عن أفكار جيدة.
يكسب المشاركون الذين يستثمرون في الأفكار الثلاثة التي تصل إلى الجولة الأخيرة من بطولة الابتكار عائدًا سخيًا على رموز ((واو)) التي راهنوا عليها بـِ عائد 200 ضعف لمن استثمر بالفكرة الفائزة وعائد 100 ضعف على الاستثمار بفكرة المركز الثاني و الثالث .
وكما هو الحال في عالم الاستثمار الحقيقي، يفقد المشاركون الرموز التي راهنوا عليها في الأفكار التي لا تصل إلى الجولة النهائية.
من الفكرة إلى التنفيذ
بدأت البطولة لأول مرة في عام 2019 بناءً على اقتراح مجموعة من المتدربين، وتقام البطولة السنوية الآن على مدى عدة أشهر و تتتكون من ست جولات، بدءًا من تقديم الفكرة الأولية إلى الفعالية النهائية على مستوى الشركة على نمط برنامج “شارك تانك”
حيث تُقدم الفرق ذات المراكز الثلاثة الأولى أفكارها واستراتيجياتها إلى الإدارة العليا في “باي بال” ثم يتم تطوير الفكرة الفائزة للتنفيذ
وللمساعدة في توجيه الجمهور، يتم تطوير مجموعة من بيان المشاكل من قبل المديرين التنفيذيين الرئيسيين في جميع أنحاء العالم، مما يضمن تركيز الأفكار المُقدمة على المجالات المهمة للشركة, حيث يُغطي عمومًا موضوعات واسعة النطاق مثل «أسواق النمو» و «الابتكار الاجتماعي». و تكون الأسئلة المطروحة مفتوحة، مثل: «كيف يمكننا إنشاء أو تحسين المنتجات لدعم الانتعاش الاقتصادي الشامل وتلبية احتياجات السكان غير المعتمدين على البنوك والمستبعدين رقميًا والعاطلين عن العمل/ شبه العاطلين عن العمل ؟» و «كيف نستخدم منتجاتنا وخدماتنا لمساعدة عملائنا بشكل أكثر فعالية في مكافحة تغير المناخ ؟؟»
وقد اجتذبت مسابقة 2019 (1500) مشاركة ؛ وفي عام 2020 قفز العدد إلى(2500) مشاركة.
تخضع العروض و الافكار لفحص أولي لضمان الملاءمة والجدوى، وبعد ذلك يضع المشاركون قبعات المستثمرين الخاصة بهم ويقررون أين يريدون استثمار رموز (واو) الخاصة بهم. ثم يتم تأهيل المئة فكرة التي جذبت أكبر قدر من الاستثمار إلى الجولة التالية.
في جولة الـ 100 ، تقدم الفرق خطط عمل من صفحة واحدة، والتي يتم الحكم عليها من قبل رعاة بيان المشاكل التي تم افتتاح المسابقة بها. ثم يتم تأهيل فكرتين إلى ثلاث أفكار لكل بيان مشكلة إلى جولة الـ 25، حيث تقدم الفرق مقاطع فيديو مدتها دقيقة واحدة. ثم يصوت موظفو “باي بال” ، ويصنفون تفضيلاتهم الثلاثة الأولى.
ثم ينتقل أفضل 10 حاصلين على الأصوات إلى الجولة التالية، حيث يتقدمون إلى رعاة بيان المشاكل و يختار الرعاة أفضل ثلاث افكار، والتي تنتقل إلى الفعالية الأخيرة على مستوى الشركة، حيث تتوج الإدارة العليا الفائز
في عام 2020، تناولت فكرة الفريق الفائز بيان مشكلة ( إيجاد طرق أكثر فعالية وفورية لخدمة عملاء “باي بال” )
اقترح الفريق إطار عمل بالذكاء الاصطناعي يتم فيه الفرز التلقائي وإنشاء حلول تلقائية لتجارب العملاء الفاشلة في الوقت الفعلي.
ازدهرت الفكرة لتصبح مشروعًا متعدد السنوات أسفر بالفعل عن تحسينات كبيرة مثل تقليل متوسط أوقات التعامل مع خدمة العملاء وتقليل حجم مكالمات خدمة العملاء (من خلال السماح للعملاء بتقديم أوصاف أكثر دقة للمشاكل)
بالإضافة إلى ذلك، قررت الشركة تنفيذ فكرة أخرى من أفضل 10 أفكار مصممة للمساعدة في دفع وظائف المزيد من المديرات وكبار المديرين من خلال الشراكة مع نائب المدير أو الراعي الأول لنائب المدير, و بحلول نهاية عام 2021، التحقت ما يقرب من 100 امرأة بالبرنامج وتم إقرانهن بحوالي 48 راعيًا في جميع أنحاء الشركة.
ما اعتقده الحشد من المسابقة
تُقدِم الاستطلاعات التي أجريت بعد بطولات 2019 و 2020 دليلاً قوياً على فعالية هذا التصميم القائم على رأس المال الاستثماري. (بسبب اضطرابات الوباء، تم إيقاف البرنامج مؤقتًا في عام 2021 ولكنه سيستأنف في صيف عام 2022)
حيث استجاب لها المئات من المشاركين بما فيهم الموظفين الذين طرحوا الأفكار وأولئك الذين استثمروا فيها.
أفاد ثلاثة أرباع المستجيبين أن جولة الاستثمار جعلتهم يفكرون بعناية أكبر في أفكارهم التي من المرجح أن يستثمر أقرانهم فيها, وقالت الغالبية أيضًا إن ميزة الاستثمار زادت من عدد الأفكار التي قدموها.
فمن خلال زيادة كل من جودة وكمية الطلبات المقدمة، يبدو أن ميزة الاستثمار قد حلت مشكلة مركزية تتعلق بالحشد الجماعي و هي أنه “غالبًا ما تجتذب المكافآت العالية مثل الجوائز النقدية عددًا أكبر من الطلبات المقدمة ولكنها ليس بالضرورة أن تحسن الجودة “
وبشكل أكثر تحديداً، يبدو أن احتمالات المنافسة في جولة الاستثمار تؤثر على نوعية وكمية العروض المقدمة حيث يعتقد ثلثا المستجيبين أن جولة الاستثمار زادت من المستوى العام للمنافسة.
وتم ايجاد علاقة طردية بنسبة 30٪ بين مستويات المنافسة والدرجة التي يهتم بها المشاركون بما يعتقده أقرانهم.
إضافة الى علاقة طردية قوية بنسبة 50٪ بين مستويات المنافسة وعدد الأفكار التي اختار المشاركون تقديمها.
بعبارة أخرى: كلما زاد عدد المشاركين الذين اعتقدوا أن جولة الاستثمار زادت من مستوى المنافسة، كلما فكروا في زيادة الفعالية , و كلما انتهى بهم الأمر إلى تقديم المزيد من الأفكار.
عامل آخر أدى إلى تحسين فعالية البطولة هو نجاحها في الاستفادة من الدافع الجوهري للحشد حيث قال أكثر من 90٪ من المستجيبين إنهم انضموا إلى البطولة لتحسين تجربة العملاء أو لمساعدة الشركة على أن تكون أكثر نجاحًا و اعتقدت نسبة مماثلة أن البطولة كانت «ممتعة» من حيث سماحها لهم برؤية رأي أقرانهم في أفكارهم
ظهرت بعض المخاوف من الاستطلاعات التي يجب على الشركات الانتباه إليها:
على سبيل المثال، الكثير من الردود أوحت بالقلق من أن الفِرَق ركزت على الضغط لكسب التأييد ، وعرضوا مشاريعهم بقوة على المستثمرين المحتملين – تمامًا كما تفعل الشركات الناشئة عند البحث عن رأس المال الاستثماري.
قد يضعف هذا قدرة البطولة على الكشف عن الفكرة «الأفضل»، مما يحرف النتائج نحو الأفكار الأكثر «تسويقًا» بدلاً من ذلك.
لاستباق مثل هذه الانحرافات، يمكن أن تكون القيود المفروضة على الضغط لكسب التأييد مفيدة في الجولات المستقبلية
تعتزم “باي بال“مواصلة هذا النهج و مشاركته مع الشركات الأخرى التي قد ترغب في اعتماده.
سيحدد الوقت ما إذا كان هذا النهج المبتكر سيعيد كتابة معايير حشد المصادر للابتكار، لكن الإمكانات التي أظهرها حتى الآن في زيادة كمية ونوعية الأفكار تجعله مرشحًا جادًا و قوياً.